ليس عليك أن تُجهد نفسك بالتمارين القاسية، دع الأمر لمخيلتك فهي كفيلة وحدها بصقل جسدك كما ترغب، وما عليك سوى أن تستلقي على أريكتك بكسل وتتخيل أنك تمارس الرياضة حتى يتفاعل جسدك مع الأمر، وكأنك مارست الرياضة حقاً، بحسب دراسة حديثة.

وخلصت الدراسة الأميركية الحديثة التي نشرت في مجلة Journal of Neurophysiology، بنتيجة غريبة، كانت قد أكدتها دراسات شبيهة سابقة، وهي أن تخيل التمارين الجسدية يساعد على المحافظة على القوة العضلية، وأثبتت ذلك بتجربة مثيرة أجراها الباحثون على مجموعة من الأشخاص الذين تم تثبيت يدهم لمدة طويلة داخل جبيرة دون حراك.

فمن المعروف أن العضو الذي يتم تثبيته بالجبس تبدأ عضلاته بفقد قوتها وليونتها وقدرتها على الحركة تدريجياً، وهو الأمر الذي يشكّل عادة عقبة رئيسية بعد شفاء الكسور وفك الجبيرة الجبسية، إلا أن باحثي جامعة أوهايو قد تغلّبوا على تلك المعضلة حينما أثبتوا عبر تجاربهم أن محاكاة القيام بالتمارين دماغياً قد قلّل من الخسارة العضلية المتوقعة أثناء وضع الجبيرة الجبسية.

وكان يكفي للمشاركين في الدراسة أن يتخيلوا أنهم يثنون معصمهم بقوة لمدة خمس ثوانٍ ومن ثم يريحونه لخمس أخرى، ويكرروا ذلك لحوالي خمسين مرة في الجلسة الواحدة، ولخمس مرات أسبوعياً، حتى يحافظوا على قوتهم العضلية بنسبة تفوق الـ50%، مقارنة بالأشخاص الذين لم يمارسوا الرياضة التخيلية.

ولا تعدّ هذه الدراسة الأولى من نوعها في مجال قدرة الدماغ على التلاعب بأجسادنا بتلك الطريقة، حيث سبق أن كشف باحثو جامعة هارفرد العريقة منذ عدة سنوات عن تجربة فريدة حقاً استهدفوا بها 84 من النساء العاملات في مجال تنظيف الفنادق، حيث أخبروا نصف المشتركات تقريباً بأن عملهن هذا هو بمثابة تمرين يومي، وبأنه كافٍ ليحقق لهن حياة مثالية من الناحية الصحية، في حين لم يخبروا العاملات بالفنادق الأخرى أي شيء.

وبعد مرور أربعة أسابيع فقط لاحظ الباحثون أن الخادمات اللواتي تمت إقناعهن بالتأثير الإيجابي لعملهن على صحتهن قد فقدن العديد من الكيلوغرامات وتحسّنت مقاييس أجسادهن، بل انخفض ضغط دمهن بمعدل 10%، في حين لم يتم ملاحظة تلك الفروق الكبيرة نسبياً لدى نساء المجموعة التي لم يتحدث معهن أحد.

وفي دراسة مشابهة أخرى، كشفت تجربة قام بها باحثان من جامعة "بيشوب" في وقت سابق، أن الأشخاص الذين يستمعون لتسجيلات صوتية ترشدهم وتحرض أدمغتهم على تخيل أنفسهم وهم يمارسون التمارين الرياضية، يحققون نتائج قريبة من تلك التي يحققها الأشخاص الذين تنهكهم ذات التمارين القاسية، بحيث إن محاكاة التمارين تخيلياً كانت كفيلة وحدها بصقل وزيادة قوة العضلة المستهدفة.