النظافة صدقة

 

لفت انتباهي قبل اكتب هذا المقال صورة للمدرجات امام باب العامود في القدس، بعد ليلة من ليالي القدر، وقد كان المنظر لا يطاق من كثرة المخلفات الملقاة على الارض باهمال شديد، صورة دلت على ان من احيا ليلة القدر في هذا المكان المقدس بعيد كل البعد عن الايمان، لان النظافة من الايمان، ونستدل هنا لما رواه البخاري ومسلم عن النبي عليه السلام " الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق".

 

لا اريد ان اكتب للتشويه والتجريح، فكلنا نعلم من نحن وكيف اصبحت ثقافتنا، لا اريد ان ادقق نظركم الى قلة احترامنا لانفسنا ولا لتعاليم الاسلام ولا لاي ثقافة تحترم انفسها، بل اريد ان التمس النصيحة لكم، فقد روى مسلم وأبو داود عن النبي عليه السلام "إماطة الأذى عن الطريق صدقة"

 

حافظوا على نظافة الارض، فالارض ارتوت بدماء الشهداء، ومع قدسيتها اصبحت ذات مكانة وطنية عالية بدماء شهدائنا، لا ترموا النفايات على الارض المقدسة، لا تلقوا النفايات من شبابيك السيارات، لا تلقوا النفايات في المتنزهات والاماكن العامة والبحر، لا تنتظروا احدا ليقول لكم حافظوا على النظافة، كونوا انتم من ينصح بذلك.

 

كونوا قدوة لابنائكم، فالاطفال يتعلمون من افعالكم لا من اقوالكم، وفاقد الشيء لا يعطيه، من جيل الى جيل تستمر الفوضى، ولكن لو جيل واحد فقط علم نفسه ليورث ابناءه النظام، لخلق جيلا جديد يورث الاجيال اللاحقة النظام والثقافة الجيدة، وكلنا رأينا شعوبا بنت نفسها من بعد دمار وارتقت لتكون شعوبا يحتذى بها، فاليابان أصبحت كوكبا آخر كما يقولون دلالة التقدم والرقي بعدما كانت دمارا وخرابا نتيجة الحروب، لم تنكسر ولم تتهاوى بل تقدمت بقوة.

 

الياس المنقوش في قلوبنا قد يكون السبب، فننظر الى حالنا ونقول عبارة الاحباط واليأس الشهيرة "عرب يا رسول الله"، وكأننا نعاير انفسنا بأننا عرب او ان العروبة هي السبب في عدم انتظامنا، بل قلة الوعي والاحباط المتراكم الذي فرضه الاخرون على شعوبنا هي السبب، فاصبحنا مسلوبي الارادة، ولكن كما قال محمود درويش "على الارض ما يستحق الحياة"، فارضنا التي نرويها بدماء شهدائنا تريد ايضا اهتمامنا لا دمائنا فقط، اطفالنا يريدون منا ان نعلمهم بافعالنا كي لا يشعروا بالعار من انفسهم ومن عروبتهم، فهم يستحقون ان نجعلهم فخورين بانفسهم.

 

لذا فان النظافة ثقافة لها مدلول وطني وانساني وثقافي، فلنجعل الماضي ورائنا والمستقبل امامنا، فلنتعلم من اسلامنا من امرنا به، فالاخرين احسنوا التعلم والتقدم و نحن اصبحنا لا نبالي، ولكننا لم نخسر الوقت بعد.

 

بقلم: محمد حرب



loader
 
قـلوبنا معك غـزة