أيام زمان ... كانون النار "المنقل"، المزراب، الألغاز، ولمة العائلة طقوس شتاء منسية

 

 

الله على الشتاء أيام زمان، كانت له طقوس عائلية رائعة وجميلة، فبالرغم من شدة البرد إلا أن طقوسه كانت تشعرنا بالدفء، فالجميع كانوا يلتفون حول منقل النار، وإبريق الشاي في زاويته نشوي البطاطا والكستناء ونستمع لقصص الجدة، بهذه الكلمات وصف الستيني أبو محمود من بلدة عصيرة الشمالية قرب نابلس طقوس الشتاء القديمة.

ويضيف " زمان لم تكن البيوت محصنة كما اليوم فكان يتخلل نوافذها شقوقا عديدة كنا نغطيها بالنايلون المقوى استعدادا لاستقبال الشتاء ومنعا لتسرب مياه الأمطار، و وسيلة التدفئة كانت (كانون النار أو منقل الحطب كما يسميه البعض المصنوع إما من الطين والتراب أو الحديد) فمدافىء الكهرباء والغاز لم تكن معروفة أصلا بالماضي لم يكن كهرباء، فكانت أمي الله يرحمها تضع في المنقل كمية من الفحم الذي كانت تصنعه في الطابون مع كمية من الجفت المحروق وتضعه وسط البيت ونلتم جميعنا برفقة أبناء العم والجيران أحيانا حوله، ونستمتع بتسخين الخبز والجبن واكله وإبريق الشاي من أهم لوازم القعدة، وفي المساء كانت أمي تعيد أعمار المنقل استعدادا لعودة أبي من عمله وتضع له دلة القهوة فوق النار، وكثيرا ما كانت تدفن حبات الكستناء والبطاطا لشيها واكلها في السهرة".

صوت المزراب

أمهاتنا وجداتنا كانت لهن طقوسهن الخاصة استعدادا لاستقبال الشتاء، فقد كن يجهزن المواد التموينية لتخزينها تحسبا لقسوة الشتاء، وعن تلك الطقوس تحدثت الثمانينية "أم محمد" لدنيا الوطن قائلة" للشتاء أيام زمان طعم خاص بكفي كان في هداة بال، والشتوية في بلدنا (عصيرة الشمالية) غير يا ابنيتي وكنا نستعد لاستقبال موسم الخير بعدة أمور، فكنا نعتمد على الآبار لجمع مياه الأمطار فيلزمنا إعادة تأهيل القنوات القريبة من البئر وتنظيفها من الأوساخ التي تراكمت فيها بالصيف، وكنا نعيد تنظيف فتحة المزراب وهو قطعة من التنك تبرز خارج السطح، وغالبا ما نضع تحته برميلا من الحديد لتصب فيه المياه وكنا نستخدمها لسقي الحيوانات، وأحيانا يصب على الأرض باتجاه البئر الموجود في حوش البيت، وكنا نغفو ونصحو في الشتاء على صوت المزراب طالما استمر المطر بالهطول."

آآآخ على أيام زمان

وتتابع" وكنا قبل الشتوية نتفقد الطابون ونغطيه بشكل متقن خوفا من تسرب المياه إليه، وما تنسي مرطبانات الجبنة كنا نخزنها بالصيف، ومرطبانات اللبنة لمدورة والبامية الناشفة والعدس والبرغل والفريكة كلها كانت مونة للشتوية،واكلة الشتوية المفضلة كانت المفتول وبحبوثة اللوف آآآآآآآخ على أيام زمان يا ابنيتي".

الغاز وحكايات مندثرة

تستذكر الخمسينية أم خالد بعض الحكايات الشعبية والألغاز التي كانت ترويها لهم الأمهات والجدات في ليل الشتاء الطويل والعائلة ملتمة حول كانون النار" مازلت أتذكر قصة الشاطر حسن وقصة جبينه وشعرها الطويل التي كانت ترويها لنا الجدة وبعض الألغاز مثل ( اسود مسخرة بصير احمر تحت الطنجرة) أي الفحم، وأيضا ( طاسه طرنطاسة في البحر غطاسه من جوا لولو ومن بره نحاسه) أي الرمانة، وغيرها من القصص والألغاز التي اندثرت شيئا فشيئا مع ظهور القنوات والفضائية والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي".

 



loader
 
قـلوبنا معك غـزة