الطفلة استبرق: أصغر أسيرة مُصابة في العالم.. تحتضر جراء الإهمال الطبي وحرقة الشوق لأمها

 

غيبت الضوضاء والأحداث الصاخبة التي وقعت في مدن الضفة والقدس بعد اندلاع الهبة الجماهيرية منذ منطلع أكتوبر الذي طل حزينا على الفلسطينيين جراء الانتهاكات الإسرائيلية السافرة، ملفات أو حكايات لم يشهدها تاريخ ولو لمرة؛ فقصة  الطفلة الأسيرة المٌصابة استبرق نور إحداها.

 "حرير سميك منسوج بخيوط الذهب" هذا معنى اسم الطفلة استبرق (14عاما) التي ألقت كعادتها تحية سلام  على والدتها قبل خروجها إلى مدرستها الواقعة على الأطراف الغربية من مدينة نابلس.

 فقبل  وصول الطفلة إلى بوابة مدرستها اوقفتها  قوة إسرائيلية بالقرب من مستوطنة يتسهار في نفس المدينة، ودون  سابق انذار تلاشى خيوط اسمها الذهبية حين خرجت عدة رصاصات من إحدى بنادق الاحتلال باتجاه جسدها الصغير.

سقطت استبرق  باكية مضرجة بدمائها فيما كان الجنود يمنعون النظر بحالها.  نصف ساعة على هذا الحال لتفقد وعيها. وقتها نقلها الاحتلال إلى مستشفى شنايدر الإسرائيلي لتلقي العلاج. هذا كان صباح يوم 21 من أكتوبر المنصرم.

 مكثت الأسيرة الطفلة على سرير المرض لثلاثة أيام بلياليهن. وحدها تتألم دون مساندة أحد لها، فلا أم بجانبها تخفف عنها ولا أب كذلك. بعد فترة العلاج المستعجلة والهشة جرى نقل استبرق إلى أكثر من سجن ولكن لم يقبولها بسبب صغر سنه، ولأن سجن النساء في الشارون اصبح مزدحما تم نقلها الى غرفة معزولة في سجن عسقلان.

لتصبح استبرق الذي تقطن في عائلة متوسطة الحال تتكون من 11 فردا  إلى أصغر أسيرة مُصابة في العالم.

مع صياغة هذه القصة.. تقبع  الطفلة في سجن عسقلان مع الاسيريتين جيهان عريقات ومرح باكير وفي غرفة معزولة وسيئة وتفتقد لكل المقومات الانسانية.

 في زيارة لمحامي هيئة شؤون الأسرى لطفلة الأسيرة المُصابة استعرضت التفاصيل التي حصلت معها.

قالت : " عند نقلي الى سجن عسقلان تم ازالة غطاء العلاج عن يدي من قبل احدى الشرطيات رغم انني لم اشفى بشكل نهائي من جراء الاصابة، وانا بحاجة الى ادوية والى تغيير على الجرح ولا يقدم لي هناك اي علاج".

 ووصفت استبرق الوضع في عسقلان بالسيء جدا حيث تفتقد الغرفة التي تتواجد فيها للأدوات الكهربائية وللكنتين وللملابس والاغطية اضافة الى انتشار الحشرات والاوساخ وعدم السماح لهن بالخروج الى الساحة بالاضافة الى الطعام السيء.

 ومثلت الطفلة امام محكمة سالم العسكرية عدة مرات، وفي إحدى المرات تم الاعتداء عليها في قاعة المحكمة.

وتمنت الطفلة في ختام حديثها للمحامي، أن يجرى الإفراج عنها ليتسنى لها معانقة أمها التي تحتاجها في كل وقت وحين.

في اتصال هاتفي تواصلنا مع والدها ويدعى أحمد، الذي بان طوال حديثه المختصر أن قضية طفلته ارهقته وأتعبت  جميع العائلة ، يقول : " لا اعلم  ماذا فعلت طفلتي لتتلقى كل هذا، هي لم تكن تحمل قنابل أو سلاح يهدد أمنهم،  فقط ما كان على ظهرها حقيبة تحمل بعض الدفاتر والكتب!".

ليس هذا الوداع أو الفراق الذي طال والد استبرق، فله أخ معتقل منذ 14 عاما، بجانب أنه له اخا أخر قد ارتقى شهيدا في أحداث الانتفاضة الثانية.

 صمت  برهة ثم تحسبن، داعيا جميع الجهات المعنية  بالتحرك العاجل لإنقاذ طفلته من بطش  السجان الإسرائيلي.

أما سندس الأخت الكبرى لاستبرق  فكان طلبها بعد ما قطعت حديثنا مع الوالد : " نفسي أشوف اختي ولو لمرة وحدة انا مشتاقلها كثير ". ويشار إلى أن الاحتلال لم يسمح لعائلة الطفلة  بالزيارة منذ فترة الاعتقال.

 في ذات السياق يؤكد رياض الأشقر  المختص بشؤون الأسرى في حديث دنيا الوطن أن الأسيرات اللاتي اعتقلن منذ أحداث أكتوبر يعيشن اوضاعا مأساوية جراء الإهمال الطبي وإعتداء الجنود عليهن.

يقول الأشقر :" هذه سياسة ممنهجة  باعتبار الأسيرات الضلع المكسور لضغط على الجهات الفلسطينية لرضوخ أمام مطالب الاحتلال".

  وحسب الأشقر أن بجانب استبرق أربع أسيرات مُصابات من بين 39 أسيرة جرى اعتقالها طوال  عمر الهبة الجماهيرية، وهن حلوة حمامرة وأمل طقاطقة ومرح باكير وشروق دويات.

ختاما.. وجب تنويه أن استبرق طفلة فلسطينية تحلم ان تكمل تعليمها ثم تصبح زوجة وأطفالا يلعبون حولها، لكن كل ذلك مرهون بعد أن تقرر إسرائيل بإطلاق صراحها، هذا أن لم تُزهق روحها تحت وطأة الإهمال الطبي والتعذيب ، ويوثق اسمها بقائمة شهداء الحركة الأسيرة .


 



loader
 
قـلوبنا معك غـزة