كان بارعا في إلقاء الحجارة بالمقلاع ويرقص بها كأنه يرقص باليه

 

:لاحظ الممرضون شيئا منتفخا في جيب الطفل الشهيد  أحمد شراكة، حينما وصل الاثنين مصابا بطلقة معدنية في الجهة اليمنى الخلفية من راْسه، غير انهم لم يعيروا انتباها لهذا الشيء خاصة وان وضع احمد في غاية الخطورة.

تم تحويل الطفل احمد الى غرفة العناية المركزة، وهناك تبين ان هذا الشيء في جيب احمد هو كيس صغير من الشيبس (الباميا) كان يقتات منه خلال الساعات الطوال التي أمضاها في إلقاء الحجارة من مقلاعه باتجاه قوات الاحتلال شمال مدينة البيرة.

ارتفع صوت من لاحظ هذا الكيس بعدما ازيلت ملابس احمد عنه في غرفة العناية المكثفة، صوت مصحوب بالألم على هذا الطفل الذي لم يتجاوز عمره ١٣ عاما ولم يكن من المفروض ان يقتل حتى وان كان يلقي حجارة.

ويقول والده " قال لي الممرضين وأطباء بان ابني كان معه كيس بامبا، حينما سلموني مقتنياته".

ولم يتمكن الأطباء من انقاذه حياة الطفل احمد كون الرصاصة المعدنية اصابته في مكان قاتل في الرأس، ومن ثم  اعلن عن استشهاده.

وفي هذه الأثناء كان عبد الله والد الطفل في عمله في مخيم الجلزون، ولاحظ خبر إصابة طفل في الرأس على شاشات التلفاز، غير انه لم يتوقع انه ابنه.

عّم الشهيد واسمه صباح تواجد بالصدفة في مجمع رام الله الطبي، وسمع المتواجدون وهم يتحدثون عن طفل شهيد غير معروف الهوية، وطلب اطباء من المتواجدين محاولة التعرف عليه، دخل صباح وأغمي عليه حينما نظر الى احمد وتعرف عليه بانه ابن أخيه.

ويقول الأب عبد الله في بيت العزاء اول أمس في الجلزون:" اتصل معي اخي صباح وقال لي في البداية ان احمد أصيب، وحينما توجهت الى المستشفى علمت انه استشهد".

ولا ينفي اهالي مخيم الجلزون ان احمد، الذي كان معروفا لجميع اهالي المخيم، بانه من المبدعين في إلقاء الحجارة بواسطة المقلاع، بل انه كان أصيب قبل ثلاثة شهور بطلقة معدنية في قدمه اليمنى، وأخفى إصابة ثانية بالمطاط عن أبيه أصيب بها قبل اربع ايام من إصابته.

وقال أطفال يعرفون احمد، وكانوا بمحاذاته يوم إصابته، بانه كان في الصفوف الاولى من ملقي الحجارة، وانه كان  من اكثر الأطفال الذين يقتربون من قوات الاحتلال لإصابتهم بالحجارة.

ويقول والده "كنت أقول له بان لا يذهب الى المواجهات، وكان كل مرة يقول لي انا يا ابي لا اقترب منهم واقف بعيدا".

وفي اليوم الذي أصيب به احمد في راْسه، أصيب عدد كبير من المتظاهرين، ومنهم شاب في الأربعين في عمره من مخيم الجلزون برصاصة معدنية أفقدته عينه، وهذا ما يرجح إمكانية ان الشهيد احمد استهدف مباشرة بسبب براعته في استخدام المقلاع، وقد يكون اصاب احد الجنود، كما يدور من احاديث بين المعزين في بيت العزاء في مخيم الجلزون.

وكان احمد ترك مدرسته العام الماضي، بسبب انشغاله الدائم في مواجهة الجيش الاسرائيلي عند أبواب المخيم، وهو الامر الذي جعله معروفا لكافة اهالي المخيم،  ويقول والده "كنت انوي ان أعيده الى المدرسة التي تركها بسبب ذهابه المتواصل الى مكان المواجهة، لكن قضاء الله كان الأسبق".

ويضيف "كل مرة تحدث فيها مواجهات عند أبواب المخيم كان احمد يذهب الى هناك، لكن هذه المرة لم يكن هناك مواجهات عند المخيم فذهب احمد الى البيرة يبحث عن الجيش".

وتمتلئ ساحة العزاء في مخيم الجلزون بالمعزين من كافة أنحاء مدينتي رام الله والبيرة، وعلقت لافتات من كافة الفصائل الفلسطينية تنعى الشهيد، ومن بين اللافتات صورة مشهورة للطفل الشهيد وهو يلقي الحجارة باستخدام المقلاع، حيث حظيت هذه الصورة بانتشار واسع عبر صفحات الانترنت والتي تظهر احمد كأنه يرقص باليه لكن على طريقته الخاصة، كما قال احد المعزين وهو ينظر الى الصورة.

وحسب ما يقول والده فإن الشهيد الطفل احمد كان متأثرا جدا بعمه الشهيد خليل الذي استشهد في العام ٢٠٠٠، وان كان احمد ولد بعد استشهاده.

وقال الأب "في عيد الأضحى الأخير وعند زيارة ضريح عمه قال احمد لجدته التي تحبه كثيرا، "حينما استشهد أريد ان أدفن هنا بجانب عمي".



loader
 
قـلوبنا معك غـزة