هفوات "باب الحارة 6" تُخيبُ آمال وتصورات المشاهد الفلسطيني

 


بعد انقطاع استمر لأربع سنوات متتالية، عاد مسلسل باب الحارة ليُطل من جديد بجزءه السادس، ومع اللحظات الأولى من العرض، لاقى المسلسل انتقاداتٍ من كل كبيرٍ وصغير، ورجلٍ وإمرأة، فكان المشاهدون بالمرصاد للهفوات التي وقعت في مطلع هذا الجزء، حتى بعد مرور أسبوعٍ على بدايته.

"باب الحارة"، المسلسل الشامي الذي لفت أنظار الفلسطينيين، والجمهور العربي بأكمله، وامتاز بالأجواء الشامية الأصيلة المتأصلة من الحقيقة والواقع، ورسم روح الثورة العربية ونخوتها، ورفض الاستعمار الفرنسي، وكان عوناً للقضية الفلسطينية وشعبها، من خلال بعض المشاهد المؤثرة والواقعية.

يارا أحمد تُعبر عن استياءها الشديد، وتقول: "باب الحارة في أجزاءه السابقة، كان يهدف إلى ترسيخ وتكريس القيم الإجتماعية، ولكن ما نشاهده الآن، أن هدفه هو الربح للمسلسل، والقنوات التي تبثه، بعد سلسلة من النجاحات التي حققها سابقاً، إضافةً إلى انه أصبح بالمستوى الغير مطلوب، وغابت الحرفية في إتقان اللهجة السورية القديمة، خاصة بعد ظهور الممثلين الجدد فيه".

وترى أحمد أن هذا الجزء وقع فيه العديد من الهفوات، والتي باتت واضحة، فتتساءل ضاحكةُ: "كيف ابن ابو حاتم وبنت عصام بعمر 6 سنين، وزوجة معتز لسا حامل؟، وكيف دلال يلي كانت حامل بطلت حامل فجأة؟".

"الجزء السادس ليس كسابق الأجزاء، فالعدد قليل في الشخصيات البارزة، والأخطاء جوهريةٌ كثيرة، واختفاء بعض الشخصيات بشكل مفاجئ، جعل باب الحارة بعيداً عن المنطق"، هذا ما تحدث به عماد السايح.

ويُكمل السايح مازحاً: "والله ما بستبعد بالحلقات الجاي، ألاقي جوالات ولابتوبات، وسلك ويرليس ببيوت الحارة، وفوزية بتبهدل أبو بدر قدام الكل عالفيس بوك، وبتحكيلو قوم أُشطف ديار البيت".

ويُتابع "نفسي أفهم، كيف خلص الجزء الخامس، وكان وضع معتز طبيعي وفش شي، وأول الجزء السادس صار مطارد وبالجبال؟".

وروح الشام التي كان ينتظر الفلسطينيون أن يشعروا بها، ورائحتها التي تمنوا أن يستنشقوها مرةً أخرى، باتت مفقودة وغير موجودة، فالمسلسل كما وصفته "دعاء" عبارة عن أجسادٍ بلاستيكية بأماكنَ بلاستيكية، فالحارة التي تم التصوير فيها تخلو من العبق الشامي المُعتاد عليه في الأجزاء السابقة.

وتنتقد دعاء القائمين على المكياج، والممثلات بما فيهن "جميلة" و"خيرية" على أشكالهن الغير طبيعية، والغير مألوفة، من كثرة عمليات التجميل التي غيرت ملامحهن.

وأثار التغيير في صوت الفنانة السورية صباح الجزائري، صاحبة دور "أم عصام"، تساؤلات عديدة بين الجمهور الفلسطيني لباب الحارة، فيما وضحت الصفحة الرسمية للمسلسل عبر مواقع التواصل الإجتماعي أنها خضعت لعمليةٍ أثرت على صوتها.

فمسألة الإستخفاف في عقول المشاهدين، كانت من أكثر الأمور التي أثارت استياء الفلسطينيين وكل من شاهد ويُشاهد المسلسل.

في حين يُطالب الممثل السوري وائل شرف، والُملقب بـِ"العقيد معتز" وعبر صفحته الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي، جمهور باب الحارة أن لا يحكموا على المسلسل من حلقاته الأولى، وأن يعطوه حقه في الحلقات المقبلة، إلا أن المشاهد ما زال مُحبطاً مما رآه في تفاصيل الجزء السادس.

وفي سياق المتصل، يقول المنتج الفلسطيني عبد السلام أبو عسكر: "من المُبكر الحكم على النص الدرامي والمضمون في مسلسل باب الحارة، لأنَّه لم يُعرض إلا حلقات معدودة منه".

ومن جهته يُؤكد الناقد الفني الفلسطيني سعيد أبو معلا أن تغير المخرج لعب الدور الأكبر في وجود الإختلافات بالأحداث الدرامية ورؤيتها، والأوضاع الصعبة التي يعيشها الواقع السوري منذ أكثر من ثلاث سنوات، انعكست سلباً على الجزء الجديد، فتصوير المسلسل تم في بيروت ودبي، وذلك لصعوبة التصوير في الحارات الشامية السابقة.

ويُضيف "القناة والمخرج والكاتب راهنوا على المُتلقي والمُشاهد، لتلقي وجبة يومية من باب الحارة، مهما كان مضمونها وشكلها، وحتى حجم الهفوات فيها، والاستخفاف بالعقل يعود على المُشاهد ذاته، فهو الذي قبل أن يُتابع مسلسل شعبوي عاطفي خطابي، يغلُب عليه الجانب التجاري المُسيطر على العمل الفني، ودون أي رؤية درامية، أو موقف فكري".

ويعتقد أبو معلا أن المشاهد الفلسطيني لو لم يكُن مُتابعاً لباب الحارة بجزءه الخامس، واستمر في متابعته حتى النهاية، وقُبيل يوم واحد من عرض الجزء السادس، لما كان سيكتشف تلك الهفوات والأخطاء، مُشيراً إلى أن موضوع المسلسل لا يستحق أن يصل إلا للجزء الثالث فقط، وعلى المشاهد أن يفوق ويُقدر، فهو له عقل، وعليه أن يستخدمه قولاً وفعلاً، وليس الإستسلام لأي عمل فني، لمجرد أنَّه أحبه في جزءٍ ما، أو لوجود مُمثلٍ يُحبه فيه.

وبملامح الحيرة، يتساءل أبو معلا "هل معالجته الدرامية الجديدة مقنعة؟، وهل افتعال الأحداث سيخلق حدثاً درامياً مُثيراً ومُبرراً لما حدث من أخطاء؟، وهل أصبح هدف المسلسل درامي أم تجاري؟".

والسؤال الأهم الذي يطرحه الفلسطينيون، يكمن برغبتهم بمعرفة الأسباب التي دعت مخرج المسلسل إلى الإستخفاف بعقول المشاهدين، وقتله جماليات الروح الشامية التي وقع الفلسطينيون بغرامها منذ الأجزاء واللحظات الأولى للمسلسل، وعايشوا أجواءها.



loader
 
قـلوبنا معك غـزة